استقالة أبو مشعل… القصة الكاملة لمؤامرة إسقاط أبين

المعركة التي أسقطت أبو مشعل وكشفت المؤامرة الكبرى ما يجري في أبين اليوم ليس صراعاً على منصب أو سلطة، بل حرب شاملة تستهدف محافظة بكاملها. حرب لم تُشن على العميد أبو مشعل الكازمي وحده، وإنما على أبين أرضاً وإنساناً وتاريخاً.
سنوات ظلّ أبو مشعل يقف في وجه أمواج متلاطمة، تحركها قوى لا تريد إلا تدمير أبين وإغراقها في الفوضى. قاوم الرجل، وحمل على كتفيه همّ المحافظة، وحمى سفينة أبين من الغرق، لكن المؤامرة كانت أكبر وأخطر ثمانية أشهر من الحصار المالي في العام الأخير، وخاصة خلال الأشهر الثمانية الماضية، تم قطع كل الاعتمادات المالية عن إدارة أمن أبين. لم يكن ذلك قراراً عفوياً، بل خطوة متعمدة لشل الجهاز الأمني، وإجبار قائده على الاستسلام  تحمّل أبو مشعل الديون، وعاش الخذلان من وزارة الداخلية، ومن الرئاسة، ومن المجلس الانتقالي، لكنه لم يتوقف عن القتال.
بينما كانت الدولة غائبة، كانت عصابات التهريب والمخدرات تعمل بلا توقف.
أكثر من 20 معسكراً للأفارقة تم إنشاؤها في أبين، بدعم من تجار السلاح وعلى رأسهم تاجر السلاح  فارس مناع، لتكون مراكز للتهريب والمخدرات والخمور، ومنصات لتوزيع الأموال بالدولار والريال السعودي، قبل نقل البشر إلى محافظات ودول أخرى.

أبو مشعل واجه هذه الشبكات بجرأة، فقاد خلال الأسابيع الأخيرة فقط حملات داهم فيها أكبر معسكرات التهريب في لودر والخديرة والمنطقة الوسطى، وحرّر الساحل من مواقع تمحن، والكسرة، وسلى، والحاجلة. كانت هذه الضربات موجعة للمافيا، لكنها زادت من حجم المؤامرة عليه.
وبدلاً من أن يتلقى الدعم، جاءته الاتصالات تطلب منه التنحي عن منصبه "مقابل منصب آخر". وفي الجانب الآخر، عرض عليه كبار المهربين مبالغ هائلة، وصلت إلى مليون ريال سعودي، مقابل أن يغضّ الطرف عن نشاطهم. لكنه رفض، كما رفض من قبل عروضاً أكبر، وظلّ متمسكاً بمواقفه.
وكلما أنجز أبو مشعل انتصاراً أمنياً، جاءه الرد بالخذلان والضغط وقطع الموارد، حتى لم يتبقَّ له حتى إيراد النقاط الأمنية التي كان يوزعها على 12 مديرية لدعم أقسام الشرطة. ورغم كل ذلك، بقي صامداً، إلى أن وصلت الأمور إلى حدّ لا يُطاق.
وأمام الحصار المالي، والتضييق السياسي، والحرب الإعلامية، خرج بفيديو يقول فيه جيبوا بديل لإدارة أمن أبين إذا كنت أنا العقبة."
لكن الحقيقة أن العقبة أمام مشروع تدمير أبين كانت هي صلابته، وأن خروجه من المشهد لم يكن هدفاً بحد ذاته، بل كان خطوة لفتح الطريق أمام الفوضى.
لقد واجه أبو مشعل عصابات عالمية، وضرب مشاريع كبرى لتهريب البشر والمخدرات، ورفض أن يبيع نفسه أو يساوم على شرفه. واليوم، وهو يبتعد عن منصبه، ستفتقد أبين رجلاً لم يساوم، ولم يبع قضيته، وصبر سنوات وهو يتلقى الطعنات من القريب قبل البعيد.

إن خروج أبو مشعل ليس نهاية رجل، بل بداية مرحلة خطيرة في تاريخ أبين… مرحلة قد تكون فيها المحافظة مكشوفة أمام أخطر مشاريع الفوضى.
لماذا أبو زرعة صامت؟ ولماذا محسن الوالي مصر على تغيير أبو مشعل؟ هنا السؤال الذي يفرض نفسه… هل هناك مشروع جديد من الكفيل لفتح الطريق أمام الفوضى، وإسكات الصوت الوحيد الذي يقف بوجه الارهاب و التهريب والمخدرات في أبين؟
أبو مشعل… رجل صمد حتى أنهكته الخيانة.
*رمزي الفضلي

مقالات الكاتب