حجٌّ ومهابة وجواز يُمرّر بركة الدعاء
في بلدٍ تساقطت فيه أحلام الناس بين شقوق الحروب وجروح الزمن، يطفو نور بعيد عن أضواء الإعلام وضجيج الس...
في عدن...حيث تتشابك التحديات الإدارية مع تطلعات المواطن...ظهرت إدارة الشؤون العربية والأجنبية في رئاسة مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية كقصة تروى لا بالبيانات فقط بل بما يتردد على ألسنة الناس من ثناء ورضا...إدارة خرجت من إطار البيروقراطية إلى فضاء من الكفاءة والمرونة...بفضل رؤية قيادية متكاملة جمعت بين حكمة المخضرمين وروح الشباب
اللواء الركن محمد بن عبدالقادر الرملي.. رئيس المصلحة..لم يكن مجرد مدير أعلى، بل مهندس رؤية عصرية أعادت تشكيل عمل المصلحة من الجذور...إلى جانبه وقف اللواء عبدالجبار سالم، وكيل المصلحة، داعماً ومحفزاً...والعميد طه مجلي، الوكيل المساعد ، صاحب الخبرة الميدانية الدقيقة...لكن الفارق الحاسم صنعه العقيد الشاب نجمي الفاطمي.. المدير العام للإدارة العامة للشؤون العربية والأجنبية....الذي قاد عملية تحول شاملة لم تكن ممكنة لولا تفكيره المختلف وحرصه الدقيق على التفاصيل
لم تكن البداية سهلة...والإدارة تتعامل يومياً مع عشرات آلاف المعاملات، من التأشيرات والإقامات والتنسيق مع جهات دولية...كانت الأزمات متراكمة، والإرث الإداري مثقلاً بالفوضى والروتين...الفاطمي بدأ بتشخيص المشكلة ثم أعاد ترتيب الأولويات...ففصل المهام، ووزع الفرق إلى وحدات عمل متخصصة وفعل أنظمة رقمية قلصت زمن المعاملات من أسابيع إلى أيام...انخفضت نسبة الشكاوى 65% وارتفعت إنتاجية الإدارة 40% في أقل من عام
لم يكتف بإصلاح العمل الداخلي بل واجه معضلات خارجية....كالتنسيق المعقد مع بعض السفارات وتعدد أنظمة التحقق من الوثائق. فاوض، ونسق، وأطلق شراكات مع جهات عربية كالسعودية وعُمان، وهو ما أدى إلى تحسين موثوقية الوثائق وتقليص الأخطاء والتأخير في الإجراءات
الخدمة لم تعد ورقية باردة....أعيد تصميم مكاتب الاستقبال لتكون أكثر إنسانية وتنظيماً...أقيمت ورش تدريب للموظفين على التعامل مع الجمهور، وفتح خط ساخن لتلقي الاستفسارات على مدار الساعة. أكثر من 150 ألف خدمة نُفذت في العام 2023 بينها 78 ألف معاملة تجديد إقامة...وفق الإحصاءات الرسمية
وفي أقل من عامين
بلغ إجمالي التأشيرات الصادرة في العامين 35,876، ساهمت الفروع والسفارات بنسبة تقارب 35% منها
وبلغ إجمالي الإقامات الممنوحة 16542، ساهمت الفروع بنسبة تقدر بنحو 30% من إجمالي المعاملات
وكان المواطن شريكاً في هذا النجاح...لم يعد المتعامل مجرد رقم، بل أصبح جزءاً من عملية التطوير من خلال استطلاعات رأي، لقاءات مباشرة....ومقترحات يتم تطبيقها...."لم أعد أخشى زيارة المصلحة" تقول إحدى المقيمات...في تعبير يلخص تحولاً عميقاً في نظرة الناس إلى الإدارة
المتابع يلحظ أن الفاطمي لا يدير من خلف مكتبه، بل يتنقل بين الأقسام، يتابع شخصياً سير العمل.....يصحح ويخطط ويوجه....يحفظ أسماء الموظفين والمراجعين، ويهتم بالتفاصيل الصغيرة كأنها صلب القضية...هذه الروح الميدانية أكسبته احترام الداخل والخارج...ودعمت رؤيته في تحويل الإدارة إلى مؤسسة ذكية تعتمد على البيانات والبرمجيات لا على التقديرات والملفات الورقية
بحسب مصادر داخل المصلحة....فإن الإدارة تعمل حالياً عمل خطة لربط جميع الفروع بشبكة إلكترونية موحدة بحلول عام 2025، لتسريع المعاملات وتعزيز النزاهة...ويقول اللواء الرملي إن هذه الإدارة أصبحت رسالة صامتة إلى العالم مفادها أن اليمن قادر على النهوض حتى في أكثر الظروف تعقيداً
ورغم المعوقات والصعوبات والعراقيل، إلا أن العقيد نجمي الفاطمي وقيادة المصلحة استطاعوا تجاوز عدد كبير من العثرات والمطبات، مثبتين أن روح التغيير الحقيقي لا تتطلب ظروفاً مثالية بل عزيمة استثنائية
ما تحقق ليس مجرد إنجاز بيروقراطي....بل نقلة ذهنية في فهم الخدمة العامة في وقت يبحث فيه المواطن عن نافذة أمل، تأتي إدارة الشؤون العربية والأجنبية في عدن كنموذج على أن الإرادة والإدارة يمكن أن تنتصر على كل المعوقات لقد انتقلت المصلحة من حالة الجمود إلى ديناميكية خادمة للناس بفعل تحالف نادر بين حكمة الكبار وذكاء الشباب
النجاح هنا ليس حبراً على ورق....بل هو انعكاس لصوت يقول: "نحن نستطيع"