مضارّ وجبة الباخُمري
همدان الحيدري
وجبة الخمير أو الباخُمري تتكوّن مِن الخميرة والدقيق الأبيض والسكّر والزيوت المهدرجة، وبجانبها كأس شا...
في بلدٍ تساقطت فيه أحلام الناس بين شقوق الحروب وجروح الزمن، يطفو نور بعيد عن أضواء الإعلام وضجيج السياسة، نور لا يأتي من ليلٍ طويل انتهى، بل من عملٍ دؤوب لا يراهن على التفاخر بل على التأثير. في زمن الحرب، يتراءى لنا حلمٌ بسيط لكنه يلمس القلب مباشرة. هذا الحلم جاء بأيدي أولئك الذين يزرعون بذور الأمل في رمال الصحراء. هم رجال لا يلوحون في الأفق، بل يزرعون في الأرض بصمتٍ يشبه صمت البحر الهادئ قبل العاصفة.
مصلحة الهجرة والجوازات، في هذا العام، كانت النموذج الأبرز، وكانت الاستثناء الذي نشعر معه بأن الحياة لم تتوقف. فعندما يعاني المواطنون من وطأة التعقيد والبيروقراطية التي تقف كجدارٍ بين المواطن وحقه، يأتي هذا العمل كفارقٍ واضح، ليقول أن هنالك من يعمل بلا ضجيج، يعمل بهدوءٍ لا يتوقف.
اللواء عبدالجبار سالم، وكيل مصلحة الهجرة والجوازات، هو هذا الرجل الذي لا نسمع عنه في شاشات الإعلام ولا يتصدر الصفوف الأمامية للكاميرات، لكننا بدأنا نعرفه ليس من الكلمات، بل من الإنجاز. في زمنٍ يحتاج فيه المواطن إلى جواز سفر لا يعكر صفو رحلته إلى الخارج، أصبح هذا الرجل رمزاً من رموز السكينة في فوضى الإجراءات، ومن المحاربين الذين يرفعون راية الأمل في وجه المستحيل. حاجٌّ كان يواجه صعوبة في استخراج جواز سفره بسبب ضغوط الحرب، وجد نفسه يمرّ على نقطة تفتيش الإجراءات، وكأن هناك من يخفف عنه عبء الأعوام الصعبة. كلما اقترب من المكاتب، تذكر أمنيته التي كانت في يومٍ ما حلماً بعيداً، واليوم أصبحت حقيقة بين يديه.
لكن ماذا عن تلك الأيام التي كانت قاسية على الحجيج؟ أيامٌ كان المواطن في هذا البلد يضطر فيها للوقوف في طوابير لساعات طويلة تحت شمسٍ حارقة، ينتظر في نفس الوقت الذي يواجه فيه خيبة الأمل من البيروقراطية التي لا ترحم. هذه الأيام، برغم أوجاعها، كانت تشهد ظهور المسؤولين الذين لا يأتون إلا ليغلقوا الأبواب أمام آمال الناس ويتركوا الجميع يغرق في زحام لا ينتهي. لكن، عندما تصدح قلوب رجالٍ مخلصين كالرجل الذي يقف في الظل – اللواء عبدالجبار سالم – لا نسمع صوته ولكن نشعر بمفعوله في كل خطوة، وفي كل إنجاز.
موسم الحج هذا العام كان أشبه بحلم تحقق، ليس فقط بسبب تحسن الظروف، بل بفضل العمل الجاد الذي يقوده اللواء عبدالجبار سالم، الذي منح الناس فرصة السفر إلى أراضي المقدس دون عوائق. في سنواتٍ ماضية، كانت تعترض الحاجات الصغيرة فرصتهم في الحج، لكن اليوم، وفي ظل الظروف الصعبة، أصبحت رحلة الحاج أسهل وأقل تعقيداً. الجواز أصبح لا يُمرّر فقط بوثيقة سفر، بل بمظلة من الرحمة، دعواتٍ صامتة كانت تُرفع لأولئك الذين جعلوا المعاملات أسهل.
تسير المصلحة اليوم متناسقة مع وزارة الأوقاف في هذا التنسيق الذي يعكس صورة الحكومة الملتزمة، حكومةٌ تعمل بجد لتنظيم وتسهيل الحج للناس في قلب العاصمة المؤقتة عدن، حيث الأمل أصبح عنواناً وواقعاً ملموساً. وبدلاً من أن تغرق المصلحة في البيروقراطية القاتلة، جاء اللواء عبدالجبار سالم وفريقه ليعيدوا صياغة مفهوم الخدمة العامة.
لقد أثبتت مصلحة الهجرة والجوازات أن المؤسسات الحكومية يمكن أن تعمل بشكل جيد رغم كل المعوقات، وأن المسؤول الحقيقي هو من يحرص على راحة الناس قبل راحته الشخصية، ويضع مصلحة المواطن أمام كل شيء. وفي حين كان الكثيرون يعتصرون من آلام الحروب، جاء هؤلاء ليفتحوا أبواب الأمل للآخرين، ليقولوا لهم: هنا نحن، جاهزون لمساعدتكم، ليس فقط بالكلمات بل بالأفعال.