إحدى عشر عاما من الحرب والحصار والعزلة والتفكيك في اليمن

في مثل هذا اليوم الموافق 26 مارس، تدخل الحرب في اليمن عامها الحادي عشر. هذه السنوات الطوال  أثبتت  أن الحرب لم تكن هي الحل لأنها لم تجلب سوى الدمار لمقدرات البلاد المتواضعة وتفكيك الجغرافيا اليمنية المتعددة السلطات التي تفتقر جميعها إلى المشروعية لأن أي منها لا تحمل مشروعا وطنيا وإن ادعت. من قوانين الصراعات أنه مهما طال أمدها، فلا بد أن تنتهي على طاولة حوار بحثا عن المشتركات الوطنية وإنهاء حالة الاحتراب والانقسامات الداخلية، والخروج بتوافقات وطنية واقعية تعالج قضايا الحاضر وتراكماته وتخرج البلاد من أوضاعها الصعبة ، والشروع  ببناء مستقبل  يعيد للحمة الوطنية بأسها ويجعل  الحروب والانقسامات من الماضي.

إن إعادة السلام إلى اليمن   بات ضرورة ملحة، فالوطن يمر بمرحلة مفصلية ، إذ لم تعد الحرب مجرد صراع بين أطراف سياسية أو عسكرية، بل أصبح كارثة إنسانية تهدد بالفعل وجود الدولة اليمنية برمتها. إن الحلول العسكرية أثبتت عدم جدواها لأنه لا يمكن لأي طرف فرض سيطرته الكاملة على البلاد، ما يجعل خيار الحوار والسلام والمصالحة هو المخرج الوحيد لإنهاء الصراع على السلطة والثروة.

إن اليمن لا يزال يدفع ثمن موقعه الاستراتيجي في باب المندب، والبحر الأحمر، والمحيط الهندي، وبحر العرب، والقرن الأفريقي، والجزيرة العربية، والخريطة الجيوسياسية لليمن  تعزز ذلك .اليمن مُزقت إلى أكثر من  رئيس وحكومة وجيش وبرلمان وبنك وسعر للعملة الوطنية ونظام تعليمي وولاء خارجي والأنكى أن تشريد الملايين داخل الوطن وخارجه وجلها من النخب، أغلى عطاء ثورتي سبتمبر واكتوبر  إضافة إلى التدمير المتعمد لمؤسسات الدولة، ولاقتصادها، وبنيتها التحتية، وتمزيق نسيجها الاجتماعي والثقافي. لقد حولت الحرب اليمن اليوم إلى شعب يعيش أغلبيته '80%'  تحت خط الفقر .

وبرغم كل ذلك،  لا يزال تجار الحروب والموت يرفضون الحلول السلمية لأن في نهايتها نهاية لمصالحهم    

ومن نافلة القول أن اليمن اليوم تحتاج إلى مشروع وطني ومرجعية وطنية وقيادة وطنية جامعة تعبر عن مصالح  الشعب اليمني وإرادته الحرة، وتنتشله من حالة الحرب والبؤس، وتلبي طموحاته في السلام والأمن والاستقرار والازدهار واستعادة الدولة ودورها الوطني التنموي.

ولكي يتحقق ذلك، نحن بحاجة إلى حوار يمني -  يمني  بين كل أطياف المجتمع اليمني ، لا يستثنى منه أحد ولايقصى منه طرف من سياسيين وعسكريين وقادة حزبيين و قبليين من مشايخ ووجهاء ورجال أعمال وشباب ونساء  ومنظمات المجتمع المدني الوطنية برعاية عربية ودولية  للوصول إلى رؤية وطنية شاملة لتحقيق السلام  تنبثق عنه قيادة ومرجعية وطنية، تعمل على وقف الحرب، واستعادة سلطات الدولة ومؤسساتها برئيس واحد، وحكومة اتحادية واحدة، وجيش وطني واحد الخ.... وهذا يتطلب إرادة سياسية مستقلة وتقديم تنازلات قد يراها البعض مؤلمة أو مجحفة،  لمصلحة الشعب الذي لم يعد بمقدوره تحمل المزيد من الآلام والفرص الضائعة ولمصلحة الوطن الذي لم يعد إسما على مسمى.

إن اليمن تمتلك، إلى جانب تاريخها العريق وحضارتها الضاربة في القدم، ثروات هائلة، بشرية ومادية، تؤهلها لأن تتبوأ مكانتها اللائقة بها في المنطقة وبين شعوب العالم. لقد آن لهذا الشعب العظيم أن ينعم بثرواته وخيراته في البحر والبر، كغيره من شعوب المنطقة. وكما بينت أحداث  المراحل السابقة والراهنة، فإن استقرار اليمن هو البوابة لذلك، كما أن في استقراره استقرارًا للمنطقة والعالم كله.

وختاما نهيب بشعبنا اليمني العظيم أن يسمو فوق الجراح وأن ينظر إلى المستقبل لتجاوز عثرات ونكبات الحاضر التي اكتوى بها ولم تكن من صنعه أو لصالحه.

      نعم للحوار

      نعم للسلام

      لا للحرب

مقالات الكاتب

الذكرى 21 لرحيل حكيم العرب

في مثل هذا اليوم من شهر رمضان الكريم، رحل القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله. وهذ...