حديث مؤلم عن انقطاع الكهرباء في عدن

كريتر سكاي/خاص:

كتب/الصحفي عبدالرحمن انيس:

ليلة أخرى من جحيم لا ينام ..

في هذا الفجر الكئيب، مر الليل على مدينة عدن وكأنه لا يريد أن ينتهي.
كهرباء غائبة لأكثر من 16 ساعة متواصلة، وحرارة لا تطاق، ونوافذ مفتوحة على جحيم.

خرجت أمشي في ساعة متأخرة من الليل، أبحث عن نفس يخفف ثقل الصدر ..
فإذا بصوت أحد أطفال الجيران ينطلق من نافذتهم المفتوحة:
"حمااااااا يا بابا".
صرخة صغيرة .. لكنها كانت كفيلة بأن تمزق سكون الشارع، وتكسر شيئا في القلب.
لا ضجيج، لا مكيفات، لا نوم .. فقط أنين يتسلل من البيوت إلى اعماق المدينة.

لم يعد الذهاب إلى الفنادق ترفا كما كان ..
بل تحول إلى ضرورة موجعة لأصحاب العمليات الجراحية، حتى الفقراء منهم.
جارنا في الحافة، الرجل البسيط، اضطر لرهن بعض أمتعته، ليقضي ثلاث ليال في فندق صغير تحت المكيف، حتى لا تتعفن جراحه وقد خرج للتو من عملية جراحية.
كانت كلفة تلك الليالي تفوق راتبه الشهري بثلاثة أضعاف، بعد أن انهارت العملة المحلية وأضحى متوسط مرتب الفرد الشهري لا يتجاوز ما يعادل مئة ريال سعودي فقط.

ومن يدري .. كم من المرضى المسنين في الحوافي الأخرى غادروا المستشفى دون مأوى بارد، فتألموا في صمت، وماتوا كما يموت الفقراء دائمًا، دون أن يشعر بهم أحد.

عدن هذه الليلة لم تكن مدينة ..
كانت جرحا مفتوحا ..
وكان الليل شاهدا علينا جميعا.
#عبدالرحمن_أنيس