بيان صادر عن مكتب حيدر العطاس حول تطورات الأوضاع وضرورة تغليب الحلول السياسية

كريتر سكاي/خاص:

أكد بيان صادر عن مكتب الرئيس حيدر أبوبكر العطاس، أن استمرار التصعيد وغياب المعالجات السياسية الشاملة أدى إلى تعقيد المشهد وزيادة معاناة المواطنين، مشددًا على أن المواجهات لن تنتج حلولًا مستدامة، بل ستقود إلى مزيد من الاستنزاف والانقسام. ويجدد التأكيد على مشروعية القضايا السياسية، وفي مقدمتها حق شعب الجنوب، وضرورة التعامل معها ضمن إطار سياسي جامع ومسؤول، يفتح آفاق الحوار ويجنب البلاد الانزلاق نحو صراعات أوسع.

ودعا البيان جميع الأطراف، وفي مقدمتها مجلس القيادة الرئاسي والمجلس الانتقالي الجنوبي وبقية القوى السياسية والعسكرية، إلى تحمل مسؤولياتهم الوطنية، وضبط النفس، وتغليب منطق الحوار والتوافق السياسي. ويشدد على أن الحلول السياسية الشاملة وحدها كفيلة بمعالجة جذور الأزمة، وحماية الاستقرار، وصون كرامة المواطن، وتجنيب البلاد كلفة المواجهة، باعتبار الحوار المسار الأجدى لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين.

نص البيان
في ظل ما تشهده بلادنا من تطورات متسارعة، وما يرافقها من تصعيد مقلق، نود أن نؤكد قناعتنا العميقة بأن ما يجري اليوم، سواء في المشهد اليمني أو على مستوى التوترات الإقليمية، لن يخدم أي طرف، بل يحمل في طياته مخاطر جسيمة، خاصة على النسيج الاجتماعي الذي تميزت به عبر تاريخها. إن ما نواجهه اليوم ليس خلافًا في المواقف بقدر ما هو انزلاق إلى مسارات تغلق أبواب السياسة وتفتح أبواب الألم.

لقد شكّلت حضرموت، على الدوام، ركيزة استقرار وتوازن، ونموذجًا للتعايش والاعتدال، وبقيت بعيدة عن منطق الصراعات المفتوحة، ما حافظ على خصوصيتها وساهم في استقرارها. إن الحفاظ على هذه الخصوصية مسؤولية جماعية، ولا يمكن أن يتم عبر زجّ المحافظة في مجمل الصراعات أو الحسابات الضيقة، لذلك فإننا نؤكد على ضرورة تحييد حضرموت وتجنيبها أي صدامات قد تهدد أمنها وسلمها الاجتماعي.

وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهل ما تقدمه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومعهما دول التحالف العربي، من جهود كبيرة منذ انطلاق عاصفة الحزم، بهدف دعم أمن اليمن واستقراره والحفاظ على وحدة أراضيه. إن الدور الذي تضطلع به دول التحالف أسهم في كبح التدهور، ولا يزال يمثل عامل توازن مهم في ظل الظروف الأمنية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.

ونؤمن بأن ما تمتلكه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من ثقل سياسي وتأثير إقليمي ودولي، يؤهلهما للعب دور محوري في دعم مسارات التهدئة، وإعادة إحياء الحلول السياسية الشاملة، بما يسهم في وقف التصعيد وحماية المناطق المستقرة، وفي مقدمتها حضرموت، ويعزز فرص معالجة القضايا الجوهرية بروح الشراكة والحكمة، بعيدًا عن منطق المواجهة.

وفي قلب هذا المشهد، تبرز القضية الجنوبية بوصفها قضية مركزية وجوهرية، لم تكن يومًا نتاج اللحظة الراهنة، بل نتجت عن مسار طويل من الاختلافات السياسية وغياب المعالجات الشاملة. إن تجاهل هذه القضية أو التعامل معها بحلول جزئية ومؤقتة كان سببًا رئيسيًا في تراكم الأزمات والقضايا المتكررة التي يدفع ثمنها المواطن، وتظل معالجتها العادلة والشاملة المدخل الحقيقي لأي استقرار دائم.

المواطن، وما زالت آثاره ممتدة حتى اليوم، ويظل حق شعب الجنوب في تقرير مصيره سياسيًا مشروعًا، يستوجب تعاطيًا جادًا ومسؤولًا ضمن إطار سياسي شامل، يجنب البلاد مزيدًا من الانقسام والصراع.

إن شعبنا اليوم في تصعيد مستمر نتيجة غياب المعالجة السياسية العميقة والشاملة، فضلًا عن تغييب الحلول السياسية، ما أثبتت التجارب السابقة أنه دون مسار سياسي واضح، فإن المواجهات لن تنتج إلا مزيدًا من المعاناة، واستنزاف الإنسان والأرض، وتعقيد المشهد بدلًا من معالجته.

وفي إطار المسؤولية الوطنية الجامعة، نؤكد أهمية الدور الذي يضطلع به مجلس القيادة الرئاسي، وما يترتب عليه من واجب في احتواء التوترات، ورعاية التوافقات السياسية، ومنع الانزلاق نحو مزيد من التصعيد، بما يخدم المصلحة العامة، ويفتح أفقًا لمعالجات سياسية شاملة تستوعب مختلف القضايا الجوهرية.

وفي المقابل، نؤكد أن المجلس الانتقالي الجنوبي، بوصفه حاملًا للقضية الجنوبية، يتحمل دورًا محوريًا في هذه المرحلة الدقيقة، بما يتطلبه من مسؤولية وطنية، وتغليب المسار السياسي والحوار الهادئ، وحفظ وحدة الصف الجنوبي، وتجنب مسارات تؤدي إلى مزيد من الانقسام أو تعقيد المشهد.

كما نؤكد أن المسؤولية في هذه المرحلة مسؤولية جماعية تشمل جميع القوى والمكونات السياسية والعسكرية، وأن الواجب الوطني يستدعي من الجميع ضبط النفس، والابتعاد عن منطق التصعيد، والانخراط الجاد في حوار مسؤول يضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار.

وفي هذا الإطار، نؤكد أهمية العمل المشترك من أجل بلورة حلول سياسية شاملة تعالج جذور الأزمة، وتحفظ كرامة المواطن، وتضمن خصوصية حضرموت، وأمنها، وإرثها الاجتماعي، وتفتح آفاقًا سياسية عادلة، تسهم في تحقيق الاستقرار، وتجنيب البلاد ويلات الصراع الداخلي، بما يعيد الاعتبار للحوار بوصفه السبيل الأجدى لمعالجة القضايا الكبرى.

إن المرحلة الراهنة تفرض على الجميع شجاعة سياسية قبل كلفة المواجهة، وحكمة الحوار قبل اتساع رقعة الصراع.

والله وليّ التوفيق.