رسالة تدمي القلوب لمواطن عدني يتحدث عن اطفاله

كريتر سكاي/خاص:

كتب الصحفي العدني عبدالرحمن انيس :

أخي العزيز عبدالرحمن أنيس ،،
تحية طيبة وبعد ..

أكتب إليك وأنا أبٌ مكسور .. لا أطلب صدقة، ولا أشكو فقري، لكنني أكتب لأنني أختنق، ولأن أثقل الأيام باتت تقترب من صدري.

في العام الدراسي الماضي، كنت أقف كل صباح عند عتبة الباب، أُراقب أولادي وهم يلعبون في الشارع، يضحكون ببراءة .. لا يدركون أن طفولتهم تُسرق منهم يوما بعد يوم.
يمر باص المدرسة الخاصة أمام بيتنا، يحمل أولاد الجيران بزي أنيق وحقائب لامعة، يلوحون من النوافذ الصغيرة، وأطفالي ينظرون إليهم بدهشة .. بغيرة لا يعرفون لها اسما.

كنت أخفض رأسي، وأتظاهر أن شيئًا لم يحدث، بينما الحسرات تملأ صدري.
وذات يوم .. أغلقت الباب، وانهرت.
لست جبانا، لكنني شعرت بالعجز لأول مرة كأب .. شعرت أنني خذلتهم جميعًا.

نحن الآن في آخر أيام الإجازة .. أيام المدرسة تقترب .. ونعلم نحن الفقراء، أن الدراسة لن تعود.

أطفالي الثلاثة لا يذهبون إلى المدرسة ، لأن المدارس الحكومية مغلقة بسبب إضراب المعلمين.

أما المدارس الخاصة، فليست لنا.
رسومها تحسب بالدولار والريال السعودي، وأنا موظف بالكاد يكفيني راتبي للقمة العيش.

لا أحد يعرف متى ستفتح المدارس الحكومية، ولا أحد يبدو أنه يهتم.

المعلمون؟ مظلومون، نعم.
يطالبون برواتب تحفظ كرامتهم، ولا أحد ينصفهم.
لكن بين ظلم الحكومة للمعلم، وظلم الإضراب لأبنائنا .. ضاع مستقبل أولادي.

آخر ما كنت اتوقعه أن تنتهي مجانية التعليم في بلادي ..

أحد ابنائي، في الصف الثالث الابتدائي، لا يعرف كتابة اسمه الرباعي.
طفل في التاسعة من عمره، مضى عليه عامان دراسيان دون أن يتعلم شيئًا، ومع ذلك تم تصعيده كغيره إلى الصف التالي، وكأن شيئًا لم يكن.

أكتب إليك لأن صوتي لا يصل.
لأنني أخشى أن يكبر أولادي وهم لا يعرفون القراءة ولا الكتابة.
أن يظنوا أن الجهل قدرهم، وأن التعلم حلم لا يُسمح لأمثالهم بتحقيقه.

أرجوك، إن استطعت، أوصل صوتنا.
نحن نختنق في صمت، ونكتم بكاءنا .. حتى لا ينكسر أولادنا أكثر.

التوقيع: مواطن عدني موجوع.