وداعا استاذ محمد أحمد الشيباني
ببالغ الحزن والأسى، نودع اليوم الأستاذ محمد أحمد الشيباني، الذي كرس حياته للعمل التربوي والإداري، وك...
في لحظة تتكثف فيها ازمات عدن وتختنق المدينة تحت ثقل الفوضى والفساد وغياب الادارة الرشيدة تاتي فكرة الاخ لطفي شطارة كنافذة تطل على افق مختلف، هي فكرة تقول ببساطة ماذا لو اسندت ادارة عدن لشركة محترفة مثل مجموعة هائل سعيد انعم؟
قد تبدو الفكرة للبعض صادمة وربما مثيرة للسخرية او القلق لكن الواقع يقول انها فكرة تستحق ان تناقش بهدوء لا ان ترد بتهم التخوين او التخويف ، فعدن التي انهكت بالمماحكات السياسية واستنزفت مواردها من قبل لوبي الفساد والمصالح تحتاج اليوم الى تفكير خارج الصندوق والى شجاعة في الطرح وواقعية في الحلول.
الفكرة ليست تسليم المدينة لاشخاص غرباء ولا بيعها لشركة تجارية، بل إسناد إدارتها التشغيلية الخدمية والتنموية لجهة محترفة، تديرها بعقلية مؤسسية بكفاءة وشفافية وفق عقد زمني واضح وباشراف مجتمعي وحكومي مباشر حتى تنهض المدينة وتستعاد لدورها الطبيعي.
مثل هذه الفكرة ليست خيالا هناك تجارب عالمية واقعية وناجحة في هذا السياق، يمكن ان تستفاد منها ففيتنام قامت بتخطيط وبناء وادارة مدينة فينهومي سنترال بارك في مدينة هوشي منه حيث انشأت مدينة ذكية متكاملة بإدارة تجارية عالية الكفاءة من خدمات بلدية الى امن ونقل وتعليم وصحة ، كذلك الهند ادارة قطاعات خدمية كاملة في مدن مثل حيدر اباد وبنغالور حيث اطلقت انظمة اكترونية لادارة المرور والمياه والنفايات بشكل يفوق اداء الحكومة المحلية التقليدية ، ونموذج اخر مجموعة اعمار دبي في الامارات اسندت اليها مشاريع مدن بكاملها وهي ليست مجرد مشاريع اسكان بل مدن متكاملة بخدمات تخطيط، وصيانة. مدن تدار وفق نظام الشركات، لكنها تخدم المواطن وتحترم الدولة.
اذا ما الذي يمنع ان تكون عدن تجربة مشابهة ؟ ولو فكرنا بموضوعية فسنجد ان الشركات الكبرى لن تدخل مدينة مثل عدن للاستثمار الا اذا توفر حدّ ادنى من البيئة الآمنة ولن العبث السياسي بل ستشترط بيئة قانونية واضحة وإدارة خالية من التدخلات السياسية والامنية وحرية تشغيل كفاءات مدنية مستقلة.
السؤال هل نحن مستعدون ان نقبل بهذا النمط من الادارة الحديثة المؤقتة القابلة للتقييم والمساءلة؟ ام اننا ما زلنا اسرى شعارات قديمة ورفض فطري لاي فكرة لا تاتي من داخل "الحوش السياسي.
كفاية ، عدن لا تحتاج مزيدا من الضجيج بل الى وضوح في الرؤية وشجاعة في القرارات، من حقنا ان نختلف حول شكل الحل لكن ليس من حقنا ان نحارب الأفكار لمجرد انها خرجت عن المالوف في زمن الازمات تصبح الجراة في التفكير بداية الطريق نحو الإنقاذ.
عدن تحتضر، فلنمد لها يدا مختلفة هذه المرة، علها تنتعش خارج عباءة السياسة وتعود مدينة قابلة للحياة لا مجرد ذكرى جميلة في ذاكرة الناس.