الاستاذ محمد محتوم.. عمود من أعمدة الخير وعنوان للعطاء

في هذا المساء، أكتب عن رجلٍ لم يكن بالنسبة لي مجرد عم، بل كان أبًا وأخًا وصديقًا وسندًا في حياتي. أكتب عنه لأن سيرته تستحق أن تُكتب وتُروى، ولأنه أحد أعمدة الخير في مديرية الوضيع، صاحب الأخلاق الرفيعة، وصاحب الابتسامة الطيبة والقلب الكبير الذي لم يعرف يومًا الحقد أو العنصرية، بل كان ابنًا مخلصًا لوطنه وأهله وأبناء أبين جميعًا.

بدأ عمي محمد محتوم مسيرته مربّيًا للأجيال، مدرسًا في ثانوية الفاروق، ثم واصل عطاؤه مديرًا لجمعية الإحسان الخيرية، وأخيرًا مديرًا لمؤسسة بانافع الخيرية، حيث كان صمام أمانها بعقله الراجح وخبرته المتراكمة.

امتدت أياديه البيضاء لتصل كل بيت محتاج، فساهم مع إخوانه من شباب مسجد الرحمن الذين كانوا أساس الدعوة والعمل الخيري في الوضيع، في بناء أكثر من 200 مسجد في أبين، وكفالة مئات الأيتام، وتأسيس العشرات من حلقات تحفيظ القرآن الكريم. كما وزّعوا أكثر من 200 ألف سلة غذائية على الفقراء والمساكين، وساعدوا في تزويج العشرات، وأسهموا في مشاريع مياه الوضيع التي خدمت الناس وأروت عطشهم. لقد خصص هو وإخوانه جزءًا كبيرًا من أعمارهم وصحتهم في خدمة المجتمع، وكانوا نموذجًا للعمل الجماعي الصادق.

ولم يقتصر عطاؤه على الوضيع أو أبين، بل امتد إلى عدن ولحج، حيث كانت مؤسسة بانافع الخيرية تعمل بأمانة تحت إشرافه، وكان هو الروح الحية التي تحرك مشاريعها.

أما على المستوى الشخصي، فقد كان نعم المربي لي ولإخوتي ولجيل كامل. رافقني في دربي، ووجّهني في حياتي، وكان لي سندًا بعد والدي العميد شيخ عبدالله رحمه الله. لا أنسى نصائحه التي غيّرت مساري، فقد شجعني على شراء أول سيارة وبناء بيتي، وكان دائمًا حريصًا أن أضع خطواتي في الطريق الصحيح.

كان كريمًا في منزله، مصلحًا اجتماعيًا، واسع الاطلاع، كثير القراءة في الكتب النافعة، مشرفًا على الدورات العلمية في القرى خلال الإجازات الصيفية، وهو أول من أدخل هذه الدورات في قرانا مع ثلة من شباب مسجد الرحمن. كان أثره عميقًا في نفوس الطلاب والمثقفين، كما كان محبًا ومُلِمًّا بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينهل من نوره ويهتدي بهديه.

إن الحديث عن أعماله لا ينتهي، فبينه وبين الله صفحات بيضاء من العطاء والدعوات التي تُرفع له في الخفاء. ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، وأنا اليوم أفخر أنني أحد أبناء هذا الرجل العظيم، وأفخر أن الوضيع تفخر به، وسيأتي اليوم الذي يُكرَّم فيه كل من ترك بصمة خير في هذه المديرية، وأنت يا عمي في طليعتهم.

سلام عليك في عليين استاذ محمد محتوم…
سلام عليك ما دام في الأرض خير يُذكر، وما دامت في السماء أبواب تُفتح للدعاء.

ولدك المحب: رمزي الفضلي

مقالات الكاتب