ذكرى تأسيس القوات المسلحة في جمهورية اليمن الديمقراطية
في مثل هذا اليوم من سبتمبر 1970، أعلنتُ بصفتي وزيراً للدفاع عن تأسيس الكلية العسكرية في معسكر صلاح ا...
في مثل هذا اليوم من سبتمبر 1970، أعلنتُ بصفتي وزيراً للدفاع عن تأسيس الكلية العسكرية في معسكر صلاح الدين – عدن، واعتُبر ذلك اليوم عيداً للقوات المسلحة، كأول لبنة لبناء جيش وطني حديث يحمي السيادة ويصون الكرامة.
كان الجيش حينها صغيراً وضعيفاً، لكن الإدارة والإرادة السياسية حوّلت التحديات إلى فرص. وأُعيد من خلال الخطة الخمسية (1970–1975)، بناء القوات المسلحة على أسس وطنية وعلمية حديثة، فأُنشئت الألوية البرية، وأُدخلت أسلحة الدروع والمدفعية والصواريخ والدفاع الجوي، وشُكلت القوات الجوية والبحرية، وتأسست مدارس وكليات عسكرية داخل الوطن وخارجه لتأهيل الضباط والكوادر.
وبحلول منتصف السبعينيات، تحولت القوات المسلحة إلى قوة مهابة في المنطقة، قوامها عشرات الألوية، وبلغ قوام الجيش قرابة 100 ألف ضابط وجندي، مجهزين من المسدس حتى طائرات الميغ 21 وصواريخ سكود، ومسنودين ببنية مؤسسية متينة و18 دائرة تخصصية.
لقد وقف هذا الجيش مع قضايا الأمة العربية وفي المقدمة القضية الفلسطينية، وشارك بفاعلية في حرب أكتوبر 1973، بمنع السفن الإسرائيلية من عبور مضيق باب المندب؛ واحتجت حينها رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدامائير على هذا القرار وهددت بضرب عدن، إلا أننا لم نكترث، لأن معركتنا كانت واحدة ضد الاحتلال الإسرائيلي. كما ساهمنا في إرسال كتيبة سلام إلى لبنان لوقف الحرب الأهلية آنذاك.
غير أنّ هذه المؤسسة الوطنية تعرضت لاحقًا للتهميش والتفكيك بعد حرب 1994.
ومنذ عام 2015 دخلت البلاد حرباً مستمرة للعام الحادي عشر على التوالي، أضعفت الدولة ومزقت النسيج الاجتماعي، وحلّت المليشيات محل الجيش الوطني. وما جرى في اليمن، جرى أيضاً في الصومال والعراق ولبنان والسودان وليبيا، وأخيراً سوريا، كل ذلك أدى إلى إضعاف جيوش الدول العربية وموقف شعوبها من قضاياها، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، لصالح إسرائيل وأعداء الأمة العربية.
وهذا الضعف هو ما دفع رئيس وزراء إسرائيل مجرم الحرب نيتنياهو للمطالبة بإقامة دولة إسرائيل الكبرى وحدودها من النيل إلى الفرات، مؤكداً أنه ينفذ مشروعاً صهيونياً مخططاً له منذ عام 1897 على يد الصهيوني تيودور هرتزل في بازل بسويسرا. ونحن نناشد الدول العربية وجامعتها للعمل على مشروع عربي لمواجهة المشروع الصهيوني وحماية الأمن القومي العربي.
وفي هذه الذكرى، نؤكد أن لا مخرج لليمن إلا عبر الاحتكام إلى لغة الحوار بدلاً من لغة الحرب، عبر مؤتمر وطني جامع يفضي إلى استعادة الدولة برئيس واحد و حكومة اتحادية وجيش وطني موحد بعيداً عن المناطقية والولاءات الضيقة، يحمي الوطن أرضاً وشعباً، براً وبحراً وجواً..
وتمرّ علينا هذه الذكرى وغزة والمدن الفلسطينية تعاني من حرب الإبادة والتدمير والتجويع والتهجير في ظل صمت عربي واسلامي ودولي إلا صوت الجماهير في أمريكا وأوروبا واستراليا وآسيا وشعوب العالم قاطبة وكنّا نأمل أن تحذوا الشعوب العربية حذوا الشعوب في العالم
ولكن ذلك لم يحدث مع الأسف.