نمرٌ من ورق: هل تخشى إيران المواجهة أم تُحسن إدارتها؟
في كل مرة تتعرّض فيها إيران لضربة عسكرية أو أمنية موجعة، تعود لتكرار نغمة "الرد الحاسم في الزمان وال...
مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك، قررت أن أبتعد قليلاً عن زحام العاصمة عدن و صخبها وإكتظاظ ساكنيها غير المبرر من جراء حركة النزوح الكبيرة التي شهدتها في سنواتها الأخيرة وكذلك الغياب التام والمؤسف لكافة الخدمات فيها .. متجهاً بمعية أسرتي نحو مدينة المكلا، عروس البحر العربي، لقضاء إجازة العيد
فمنذُ لحظة وصولي إلى المكلا، شعرت بأنني في عالم مختلف. نسيم البحر العليل كان أول المستقبلين ، مدينة ذاتُ تخطيطٍ عمراني منظم إكتست وتزينت شوارعها بأبنية حديثة ، قليلة الزحام و الإختناقات المرورية تكاد تكون معدومة فيها..
والخدمات متوفرة إلى حد ما بأفضلية واضحة للعيان عن العاصمة عدن ، كانت المكلا خلال العيد أكثر من مجرد مدينة سياحية ، كانت مدينة تحمل في طياتها عبق التاريخ وجمال الطبيعة وروحانية المناسبة قضيت أياماً ممتعة ملأى بالسكينة والهدوء فالأمن فيها مستتب دون الحاجة لإبراز الملامح العسكرية في المدينة كإنتشار الطقومات والنقاط الأمنية بتشكيلاتها المختلفة.. عدا مداخل بعض المناطق ، حيث يستقبلك رجل الأمن ببتسامة عريضة معنوناً إيها بالترحيب للزائرين والساكنين على حد سواء ، المنتزهات والحدائق العامة تمتزج بأصوات الأطفال وعائلاتهم فرحين بما آتهم الله من فضله ،
يتبادلون فيها التهاني وسط أجواء مفعمة بالفرح والسكينة ، المطاعم والمقاهي تبدأ بفتح أبوابها من اليوم الثاني للعيد لاتجد مظاهر الزحام على المنتزهات والمطاعم والفنادق كما يبدو الحال في عدن، تنظيم أكثر من رائع لإستقبال رواد المطاعم السياحية من الأسر في العيد حيث توجد إستراحة للجلوس لتنظيم وتخفيف الإقبال عليها كلٌ حسب دوره، وهناك خدمات للتوصيل للمنازل بأسعار زهيدة لاتتجاوز الألف والألفين (١٠٠٠-٢٠٠٠) ريال يمني بحسب المسافة والقرب المكاني ..
الأسعار هناك تختلف إختلافاً جذرياً عما هو في العاصمة عدن فهي أرخص بالمقارنة فيما بين المدينتين .. فمثلاً تستطيع أن تتناول وجبة غذاء (كالصيادية) وتوابعها في إحدى المطاعم الشعبية بمدينة المكلا العتيقة بمبلغ زهيد يساوي ألف وأربعمائة (١٤٠٠) ريال يمني لاغير...
يمكنك ايضاً أن تتناول طعام الغداء في إحدى المطاعم السياحية الفاخرة كالأرز البرياني مع الدجاج بأربعة آلاف وخمسمئة(٤٥٠٠) ريال فقط ومثله (البروست ) بينما في عدن يتجاوز سعر طبق الأرز البرياني بالدجاج من ستة إلى سبعة آلاف (٦٠٠٠-٧٠٠٠) ريال يمني وهذا فارق كبير يحسب لصالح مدينة المكلا ...
اما طعام العشاء فيمكنك ايضاً أن تتناوله في إحدى المطاعم الشعبية كخبز التميز مع الفول بمبلغ رمزي حيث أن عدد أربعة أقراص من خبز ( التميز) لا يتجاوز الستمئة (٦٠٠) ريال يمني فقط...
* وهناك شواهدٌ عدة أثارت حفيظتي حول أسعار بعض السلع أذكر منها :
* علبة التونة والتي تباع في مدينة المكلا بحسب النوعية من الفين وأربعمئة إلى الفين وسبعمئة (٢٤٠٠-٢٧٠٠) ريال بينما في عدن ثلاثة آلاف وثلاثمئة (٣٣٠٠) ريال بفارق سبعمئة (٧٠٠) ريال وأكثر للعلبة .
* اما بالنسبة لقطعة كاملة من الجبنة البيضاء فسعرها في المكلا يتراوح من ثلاثة آلاف وثمانمئة إلى أربعة آلاف ( ٣٨٠٠_٤٠٠٠) ريال ، وفي عدن يصل سعرها إلى أربعة آلاف وخمسمئة (٤٥٠٠) ريال قابلة للزيادة بفارق كبير أيضاً ...
* فيما يخص الصيدليات وأسعار الأدوية فهناك فارق ملحوظ بين المدينتين في الأسعار يحسب لصالح المكلا ..
* على صعيد الفنادق وأسعارها فيمكنك أن تجد غرفاً تتراوح أسعارها بين خمسة عشر الفاً إلى ثمانية عشر الفاً إلى الثلاثين والأربعين الفاً كلً حسب سعتهِ ومقدرته وغالبية الفنادق تحظى بإطلالات رائعة ..
* فيما يتعلق بالخدمات فالكهرباء في مدينة المكلا تمر بفترة إنقطاع تصل لأربع ساعات مقابل ساعتين من التشغيل ، يقابل ذلك سخط شعبي من أبناء المدينة بينما تصل فترة إنقطاع التيار الكهربائي في العاصمة عدن إلى عشرين ساعة في اليوم الواحد ، بالنسبة للإتصالات فجميع شبكات الإتصالات ممتازة وعاملة في المدينة كشركات (يو) و(يمن موبايل) و(سبأفون) وسرعة الإنترنت ممتازةٌ ايضاً وتحسب لصالح مدينة المكلا في تقديم الخدمة بعكس العاصمة عدن التي غالبية شبكات الإتصال فيها إما ضعيفة للغاية أو خارج نطاق التغطية (لاتوجدإشارة ) أو متوقفة عن العمل كشركة (يو )مثلا ..
ففي النهاية المكلا ليست وجهةً سياحيةً بل هي تجربةّ روحية وثقافية لازالت تحتفظ بطابعها الحضرمي (الخاص) أما عدن فهي مدينة تعاني من عبثٍ إقتصادي وفساد إداري منظم أدى بها إلى أن تتكئ على جراحها لتخفي وجعها تحت رماد الذكريات...